top of page

3) الرسومات في مترو الأنفاق وفنون الشارع
 

كانت نيويورك تواجه صعوبات اجتماعية واقتصادية صعبة في أواخر سبعينات القرن الـ 20، عندما انتقل هارينغ إلى المدينة "القذرة، الخطرة والبائسة". ولكنّ كل عاصفة مضطربة تحمل معها فرصة ما، وقام هارينغ بتبني حركة فنون الشارع الناشئة كطريقة لإعادة تأهيل الأحياء، تعزيز العدالة الاجتماعية وجلب الفنون مباشرة إلى الناس. "يحق للجمهور الاستمتاع بالفن"، أشار بحزم في مذكراته: "الفن للجميع".

في تلك المرحلة، لاقى فن الجرافيتي رواجًا كبيرًا، مستعرضًا أساليب رسم متقنة لرموز الفن البديل مثل فاب فايف فريدي (Fab 5 Freddy) وفوتورا 2000  (Futura 2000). تأثر هارينغ بفنّهما، مما دفعه لبناء علاقة صداقة مع هذين الفنانيْن وغيرهما من فناني الشارع، على أمل إيجاد طريقته الخاصة لتطوير وتحسين المشهد الجامع بين الراب والرقص والفنون الثورية النامية من حوله. بدأ بإضافة علاماته الخاصة إلى اليافطات ولوحات الإعلانات، وتعديل الإعلانات لخلق شعارات مضحكة، أو لملء الفراغات بشخصيات صغيرة ومتموجة. صنع يافطات عناوينها عبارة عن كولاج ينقدُ بواسطته بابا الفاتيكان ورونالد ريغان. في عام 1980، وقبل أن تشكّل المدينة لجنتها الخاصة المسؤولة عن فنون مترو الأنفاق، بدأ هارينغ برسم لوحاته الطباشيرية على يافطات بيضاء في محطات مترو الأنفاق.  على مدار السنوات الخمس القادمة، وعلى الرغم من الغرامات العديدة التي فرضت عليه، واعتقاله مرة واحدة بتهمة ارتكاب "مخالفة جنائية"، نجح هارينغ في استكمال الآلاف من هذه اللوحات الطبشورية المتمردة، مرسّخًا بذلك إرثه الخاص كأسطورة فنون الشارع وكعزيز جديد لعالم الفنون.

ولكن مع ازدياد شهرة هارينغ، تحوّلت ممارساته من تدخلات فنية على قارعة الطريق (جداريات مرتجلة وحملات قائمة على اليافطات) إلى أعمال فنية بارزة كُلّف هارينغ بإنتاجها (مبان عامة، مناطيد مراقبة ولافتات إعلانية). ولكنه لم يفقد شغفه بإتاحة الفنون للعالم- "متحف الناس الحقيقيين".

bottom of page